تبحث الشركات طوال الوقت عن طرق واستراتيجيات جديدة لتسويق خدماتها ومنتجاتها وزيادة نطاق وصولها إلى عملائها فيتبادر إلى الذهن دائمًا أن الحملات التسويقية هي المفتاح والخطوة الأولى في عالم التسويق. فكيف تروج لمنتجاتك عبر حملة تسويقية مدروسة ومخطط لها بعناية، وما هي أهم المعايير اللازمة في مراحل التخطيط والتنفيذ والمتابعة والتقييم
الفرق بين الحملة التسويقية والخطة التسويقية
في الوقت الذي تقدم فيه الخطة التسويقية مخططًا استراتيجيًا وخريطة لتحقيق الأهداف التسويقية في مدة زمنية محددة، فإن الحملة التسويقية تكون موجهة ومركزة من أجل تحقيق هدف تسويقي معين. ويكون ذلك عبر أنشطة مدروسة وخطة معُدّة وفقًا للمصادر والموارد التي تمتلكها الشركة. وبذلك فإن الخطة التسويقية هي النظام التسويقي المتكامل للشركة الذي يشمل الحملات التسويقية على أنواعها وأهدافها المختلفة.
أهمية الحملات التسويقية
الاستثمار في الحملات التسويقية ضرورة لا غنى عنها فكيف يمكن للجمهور الالتفات إلى المنتج إذا لم يتم تسويقه بشكل صحيح. وهنا تُنصح الشركات بأن يكون التخطيط للحملات نابعًا من حاجة ما أو مبنيًا على هدف واضح تسعى إلى تحقيقه، وليس بشكل عشوائي أو بدون دراسة وتضمين في الخطة التسويقية الشاملة.
فعلى سبيل المثال، الشركات التي تسعى إلى زيادة أرباحها كهدف أساسي في استراتيجيتها التسويقية فإن الحملات التسويقية تعد جزءَا أساسيًا من هذه الاستراتيجية لذلك يجب أن يخطط لها وفق رؤية منهجية تحقق أقصى استفادة ممكنة من قنوات التوزيع والوصول للمنتجات وغيرها من مصادر الشركة. كذلك، في الشركات الناشئة التي تسعى إلى تحقيق نمو ووصول سريع فإعداد حملات تسويقية مدروسة وقليلة التكلفة أصبح أمرًا لا فرار منه.
خصائص الحملة التسويقية الناجحة
تستطيع الحملة التسويقية الناجحة لفت أنظار العملاء على نطاق واسع بطريقة تبرز فيها هوية الشركة وتقدم تعريفًا واضحًا ومفصلًا عن منتجاتها. والأهم من ذلك أن تحافظ الشركة على روابط تواصل مع الجمهور وتتوسع إلى علاقات جديدة.
لا يشترط أن تكون الحملة التسويقية مكلفة الثمن لكي تحقق أهدافها بنجاح. بل على النقيض، فكلما كانت الحملة ذات تكلفة تلائم الميزانية المرصودة وتعتمد على أحدث الأساليب والطرق للوصول إلى العملاء كانت أفضل. تشترك جميع الحملات الناجحة في التخطيط لكل خطوة فيها بشكل مدروس بدءًا بتحديد الأهداف ودراسة العملاء وطرق التواصل معهم وبناء العلاقات والمتابعة والتقييم وانتهاءًا بالتغذية الراجعة.
تخطيط الحملة التسويقية
تبرز أهمية التخطيط في كونه الإطار الذي ينظم النشاطات التسويقية المقترحة ويضع السيناريو المناسب لتنفيذها من أجل تحقيق الأهداف المرصودة بالطريقة الأمثل. فأي حملة تسويقية بحاجة إلى خطة واقعية وأهداف محددة وقابلة للقياس فيمكن بعد ذلك تقييم فعاليتها.
تنتهج بعض الشركات طرقًا مبتكرة من أجل التخطيط للحملات التسويقية مثل التخطيط مع العملاء وهو أحد النشاطات الأساسية في عملية “تصميم التفكير” أو المعروفة ب “DesignThinking”. إذ أن دمج العملاء في مرحلة التخطيط من خلال سماع اقتراحاتهم وآرائهم خطوة مهمة، خصوصًا إذا كانت الشركة تتوجه نحو توسيع شبكة عملائها أو التسويق لميزات جديدة في منتجاتها أو إطلاق منتج جديد.
هناك 3 عوامل رئيسية تعد المدخل الأساسي لبدء التخطيط. ويجب على مديري الشركات الوعي بها من أجل اتخاذ القرارات المناسبة:
1. دراسة سلوك العملاء
الحملة التسويقية الناجحة تكون موجهة لجمهور ذو خصائص مدروسة ومحددة. فيتم مخاطبتهم باللغة والمحتوى الملائم وبما يتناسب مع المكان والزمان الذي تطلق فيه الشركة حملتها التسويقية. يمكن أن يحدث هذا إذا ما وضعت الشركة جهدًا جادًا في دراسة سلوك العملاء، وإلا فإن الحملة ستكون قائمة على التخمين مما قد يزيد احتمالية الخطأ عن الصواب.
يُنصح بدراسة سلوك العملاء من جهة نسبة التفاعل على المنصات ونوعية المحتوى الأكثر مشاهدة والاستفادة من مخرجات ودروس النشاطات التسويقية السابقة للشركة. يضاف إلى ذلك، ضرورةً أن تكون الرسالة التي تسعى الشركة إلى إيصالها عن المنتج والهوية العامة للشركة تتوازى مع القيم لدى جمهورها المستهدف. مع العمل على تعزيزها بحيث يستطيع العميل الشعور بأن الحملة التسويقية موجهة له تحديدًا فيتفاعل معها.
2. تحديد الأهداف التسويقية
حين يتعلق الأمر بالأهداف التسويقية يتنازع هنا عاملان مهمان وهما؛ وضوح الأهداف والتدرج في تحقيقها. وضوح الأهداف سيمكن الشركة من التحرك في إطار واضح ومدروس في حين أن التدرج في تحقيقها سيسمح بالمراجعة والتقييم المستمرين.
فاختيار أهداف كبيرة أو كثيرة يشكل عائقًا أمام الاستمرارية التي تطمح لها الشركة. على سبيل المثال، حين ترغب الشركة في رفع معدل ظهور الموقع الإلكتروني أو المعروف بـ “Visibility” في محركات البحث أو معدلات تفاعل العملاء على المنصة أو المعروف بـ “Engagement” فإن الأمر مرتبط بالتحسينات المطبقة على صعيد المحتوى الذي يخدم الأهداف التسويق المرجوة. وكذلك الاستعدادات على صعيد خدمة العملاء لضمان جهوزيتها، فلا يمكن أن يتحقق الهدف الكبير في خطوة واحدة وإنما عبر خطوات صغيرة متسلسلة.
3. اختيار قنوات الترويج المناسبة
هنا يتم اختيار طريقة الوصول المناسبة للعملاء بما يخدم الأهداف المرجوة وبما يتناسب مع الميزانية المرصودة للحملة التسويقية. وننصح الشركات بضرورة التنويع في قنوات الوصول لضمان الوصول إلى أكبر شريحة ممكنة من عملائها وجذب عملاء جدد. فميزانية الحملة الناجحة تخصص حصة مناسبة تضمن التنوع الكافي في قنوات الترويج بناء على بحث وتخطيط مدروس.
ربما لازالت الطرق التقليدية المعروفة مثل: الإعلانات المطبوعة في الأماكن العامة والجداريات والإعلان عبر الإذاعات والتلفزيون طرقًا قابلة للاستخدام بما يتناسب مع طبيعة الحملة التسويقية. مثل، الحملات التي تهدف إلى الترويج للشركة ونشر الوعي بمنتجاتها لجمهور يعتمد على التكنولوجيا بشكل أقل.
على الجانب الآخر، تعد منصات التواصل الاجتماعي والمواقع الإلكترونية والإعلان عبر البريد الإلكتروني والمدونات والفيديوهات ومحركات البحث والاعلان داخل التطبيق والألعاب الإلكترونية طرقًا رقمية مستخدمة في الحملات التسويقية بما يراعي طبيعة الجمهور ونوعية المنتج والخدمة المقدمة والأسلوب الأنسب لتحقيق أهدافها. وفي الوقت الحالي الذي تتوجه الشركات فيه الاعتماد التام على قنوات التسويق الرقمية قد يكون الدمج بين الطرق التقليدية والرقمية في التسويق عاملًا معززًا لنجاح بعض الحملات.
قياس نجاح الحملة التسويقية
ينصح خبراء التسويق أن يبدأ فحص مدى قدرة الحملة التسويقية على تحقيق أهدافها بفعالية منذ وقت مبكر أي من بداية مرحلة التخطيط. إحدى الطرق التي أكدت فعاليتها هو اعتماد المجموعات المركزة أو المعروفة بـ “Focus Group”
إذ تختار الشركة مجموعة من الناس لتجربة المنتج قبل إطلاقه بشكل رسمي وهو من الطرق التي تعتمدها الشركات التقنية العالمية مثل جوجل فيستطيع موظفيها تجربة المنتج أو التحديث لمدة زمنية محددة قبل إطلاقه بشكل رسمي. بينما تستخدم شركات أخرى طرقًا مختلفة مثل: الاستبيانات والمقابلات كطريقة أسهل وأقل تكلفة لجمع المعلومات ومن ثم تحليلها فيما يتعلق بالخدمة أو المنتج قبل اعتماده رسميًا.
المتابعة والتقييم
إن كل رأي وتغذية راجعة سواء كانت بالإيجاب أو السلب ستكون في مصلحة الشركة وخصوصًا في مرحلة التخطيط للحملة التسويقية. فالشروع في تنفيذ الحملة يعني المتابعة والتقييم المستمر. غالبًا ما تضم الحملة التسويقية عددًا من الأنشطة التسويقية المتراكبة، وبالتالي فإن التقييم سيمنح فرصة الاستدراك المبكر.
فيمكن للشركة تعديل أو استبدال أو إلغاء الأنشطة التي لم تحقق التفاعل المطلوب، مما ينعكس على مخرجات الحملة في النهاية. فكثير من النشاطات ضمن الحملة التسويقية تبتكر وتضاف خلال فترة التنفيذ وذلك من خلال قياس مدى تفاعل الجمهور مع الأنشطة والإنصات إلى مقترحاتهم أيضًا.
التفاعل مع الجمهور
الحملة التسويقية الناجحة تستطيع توجيه الجمهور إلى منصة أو موقع محدد لتزويدهم بكل المعلومات اللازمة عن المنتج الذي يتم تسويقه. تأتي أهمية هذه الخطوة في كونها تمهد لبناء الثقة مع الجمهور وتوفير الخصوصية الكافية فيما يتعلق بتساؤلاتهم.
وهنا نؤكد على عاملين مهمين، الأول هو ضرورة أن ينسجم التصميم الخاص بالموقع مع تصميم القنوات المستخدمة في الحملة التسويقية بما يضفي تكاملية في العملية التسويقية مع التقليل من تشتيت العملاء. والعامل الثاني؛ هو استعداد خدمة العملاء وجهوزيتها في المتابعة والتفاعل أولًا بأول مع العملاء بما يضمن الجودة وسرعة الرد والمرونة الكافية لتعزيز الثقة بين الشركة وعملائها.
التحليل والتغذية الراجعة بعد التنفيذ
يعد قياس أداء الحملة التسويقية ضروريَا من أجل اتخاذ القرارات فيما يتعلق بالاستمرار في تنفيذها أو إضافة بعض التعديلات خلال تنفيذها. بل، يضاف إلى ذلك ضرورة دراسة الحملة وتقييمها بعد انتهائها من حيث تحقيقها للأهداف الموضوعة لها، والنقاط التي كان يجب تحسينها و الأسباب التي منعت وصولها إلى الجمهور، والدروس المستفادة من أجل الحملات القادمة. من أجل ذلك فإن هناك عددًا من الأسئلة التي تُنصح الشركات ببقائها نصب أعينهم خلال التقييم، مثل:
- هل تم تحقيق جميع الأهداف التسويقية للحملة؟ ولماذا لم يتم تحقيق بعضها؟
- ما الجوانب التي كان يمكن تنفيذها بشكل أفضل في الحملة التسويقية؟
- هل كانت الخدمة أو المنتج مناسبًا لتوقعات العملاء؟
- ما نقاط القوة التي يمكن اعتمادها في الحملات القادمة؟
مما يُنصح به مديري الشركات دائمًا هو ضرورة إدراك ألا وجود لحملة تسويقية مثالية وأن إطلاق الحملات التسويقية لا يجب أن يتم بدون دراسة وتأني وتخطيط لكل العوامل والأنشطة التي لها القدرة على إنجاح الحملة وتحقيق أهدافها.